المرأة والجسد

 




 حين تتحول الغريزة إلى سلطة


منذ فجر التاريخ، ظلّ الجسد الأنثوي موضوعاً مثيراً للجدل: بين قدسية الأمومة من جهة، واستغلال "الفتنة" كوسيلة للهيمنة من جهة أخرى. في المجتمعات التي تكبت الغريزة وتخفي الحديث عنها، يتحول الجنس إلى أداة سلطوية؛ أداة يمكن أن تُستغل اقتصادياً وسياسياً، في ظل ضعف الوعي عند الرجل وعطشه الغريزي

الجسد كرأسمال رمزي


المرأة في لحظات تاريخية كثيرة استخدمت جسدها كوسيلة للحصول على مكانة أو ثروة. ليس بالضرورة أن يكون هذا خياراً حراً دائماً، بل كثيراً ما فرضته الظروف الاجتماعية والاقتصادية.


يقول ميشيل فوكو: الجسد ليس مجرد كيان بيولوجي، بل هو مساحة تُمارَس عليها السلطة


ويقول الإمام علي (ع): "النساء رياحين، ولسن بقهرمانات"، أي أن الأصل في الجسد الأنثوي هو الرقة والإنسانية، لكن حين يُختزل في سلعة، يصبح أداة نفوذ ومقايضة


ويرى عالم الاجتماع بيير بورديو أن المرأة في المجتمعات التقليدية  تملك رأس مال جمالياً ورمزياً يُستثمر كما يُستثمر المال.


الجنس والتأثير السياسي


من قصور الخلفاء حيث لعبت الجواري دوراً في صنع القرارات، إلى صالونات السياسة الحديثة حيث تُستغل "الفتنة الناعمة" في كسب النفوذ، ظلّ الجسد وسيلة لصناعة القرار أو التأثير فيه.


يقول ابن خلدون في المقدمة: النساء من أعظم أسباب الدول، فبهنّ يُستمال الرجال، ومن أجلهنّ تُخاض الفتن 


نابليون بونابرت نفسه قال :  المرأة التي تهزّ المهد بيمينها، قادرة أن تهزّ العرش بيسارها


وفي التراث الإسلامي ورد : ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء (حديث نبوي)  هذه ليست إدانة مطلقة للمرأة، بل تنبيه إلى هشاشة الرجل أمام الغريزة إذا غاب عقله.

الرجل بين الغريزة والوعي


المجتمعات المغلقة التي تمنع التعبير الجنسي تخلق حالة عطش تجعل الرجل أكثر عرضة للاستغلال. الرجل هنا أسير لغريزته، يظن أنه يملك زمام الأمور بينما هو في الحقيقة منقاد.


يقول نيتشه :  من لم يستطع قيادة نفسه، سيبقى عبداً لغيره


ويضيف سقراط:  أقوى الناس من ملك نفسه عند الغضب والشهوة  ،


حتى القرآن الكريم يشير إلى خطورة الغرائز حين تنفلت من العقل: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، والضعف هنا مرتبط بميول الشهوة.


ازدواجية الضحية والجلاد


المرأة ليست دائماً الطرف المستغِل، فكثيراً ما تكون ضحية مجتمع يختزل قيمتها في جسدها. فتجد نفسها مضطرة لتوظيف جسدها كوسيلة للبقاء أو الترقي ،


سيمون دي بوفوار كتبت في الجنس الآخر:  لم تولد المرأة امرأة، بل صارت كذلك." في إشارة إلى أن المجتمع يصنع صورتها ويجبرها على أدوار ليست خيارها الحر


ويقول جبران خليل جبران :  لا تقولوا: وجدت المرأة ضعيفة، بل قولوا: جعلناها ضعيفة


وفي الحديث الشريف:  استوصوا بالنساء خيراً، فإنهنّ عندكم عوانٍ

 أي في موضع ضعف اجتماعي، وهو أمر يوجب رعاية وعدلاً لا استغلالاً.


الخاتمة: الوعي هو الحل


القضية في جوهرها ليست صراعاً بين رجل وامرأة، بل صراع بين الغريزة والوعي. فحين يغيب الوعي، يصبح الجسد أداة ابتزاز. وحين يحضر، يصبح الجنس علاقة إنسانية سوية تُبنى على المودة والاحترام.


يقول جلال الدين الرومي: حين تنضج الروح، لا تعود الغريزة سيدة، بل خادمة 


ويكتب علي شريعتي:  المشكلة ليست في المرأة ولا في الرجل، بل في الوعي الذي يغيب فيتحول كل طرف إلى أداة استغلال


والقرآن الكريم رسم القاعدة الذهبية للعلاقة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].


حسين سامي 


٥/٩/٢٠٢٥ الجمعة 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طهارة دم المعصومين عليهم السلام وتخلف بعض المراجع في القول بنجاسة دمهم والعياذ بالله الشيخ حسين الشمري

الأمام المهدي عليه السلام هو مسافر عبر الزمن !؟